vendredi 19 décembre 2014

ورقتانِ على الطّاولهْ ...عبد اللطيف علوي


الآنَ ، بعد سنينَ من عبثِ الحياةِ ،
وألفٍ حملٍ كاذبٍ ..
آن الأوانُ لكي تعودَ إلى سمائِكَ زاحفًا يا ابنَ البلدْ
ما عاد بيتُكَ منْ زُجاجٍ كي تنامَ مُفتَّحَ العينينِ كالسّمكِ الطّريدِ ،
ولا طعامُكَ من ضَريعٍ
كي تجوعَ إلى الأبدْ
الآنَ ، والأبوابُ مُشرعةٌ على كلّ احتمالِ
قدْ تسيرُ لخطوةٍ أو خُطوَتينِ ، وتستديرُ ...
فلا ترى أثرًا لبيتِكَ أو لقبرِكَ في الرّمالِ
قد تحُطُّ على الجبينِ رصاصةٌ  ضلَّتْ طريدتَها
وقدْ تحيا بها زمنًا طويلاً ..
كالّذي جرّبتَ ذُلّهُ ، مرَّةً تحت النّعالِ ..
قد تعيشُ لفرصةٍ أخرى فقطْ ، أو لا تعيشُ ..
لتستردَّ كرامةَ امرأةٍ تُبيحُكَ سرَّها
وتقول : مَهري - إن أردتَ حبيبةً – شرفُ الرّجالِ
قد تهونُ أمام طفلٍ نامَ يومًا فوقَ زندِكَ مُطمئنًّا ،
وهو يحسبُ أنّ عينكَ لن تنامْ
وبأنّها ستظلُّ تحرُسُهُ
من العنقاءِ والظّلّ المُخاتلِ والعناكبِ في الظّلامْ
ومن الكوابيسِ اللّعينةِ ،
من عيونِ السّاحراتِ السّاهراتِ على كتابهِ ، خلفَ بابِهِ
تبتغي دمهُ الحرامْ
قد تهونُ أمامَ طفلكَ ، وهو يُمعنُ في السّؤالِ
أوَ لم تقُلْ لي ذاتَ يومٍ :
إنّ سيّدَ قومِهِ من شابَ في طلبِ المُحالِ ؟؟
أوَ لمْ تقلْ لي : إنّني سأصونُ حُلمَكَ يا بنيَّ
ولو تناسلتِ العقاربُ في يديَّ
ولو تعانقتِ الخناجرُ في الحناجرِ ،
أو "  تكسّرتِ النّصالُ على النّصالِ " ؟؟
الآنَ والأبوابُ مُشرعةٌ تمامًا .. آنَ لكْ
أن تقتفي أثرَ الدّماءِ على قميصِكَ ،
سوف ينجو من نجا رغم الحرائقِ ،
ثمّ يهلَكُ من هلَكْ ..
ستقولُ : ما دَنتِ البلادُ ونخلُها أبدًا لنا ..
فلأيِّ غايَهْ ؟؟
سوف نحملُها على الأكتافِ مِقْصَلةً ورايَهْ ؟
كلُّ ما فيها علينا يا شقيُّ مُحرَّمُ
حتّى صلاةُ العاشِقينَ ببابِها صارتْ غوايَهْ   
ستقولُ أكثرَ أو أقلَّ ...
وقد أقولُ كما تقولُ وأدَّعي بعضَ البطولَهْ !!
غير أنّي يا صديقي
صرتُ أخجلُ من مواقفِنا الخجولَهْ ..
لي زهرتانِ .. وثالِثَهْ ...
وأريدُ أن أحيا ليومٍ ، أحتسي معهنَّ كأسَ الشّايِ دون مرارةٍ
وأقولَ في غدهنَّ شعرًا صرتُ أخجلُ أن أقولَهْ ..
ليَ نحو من أحببتُهُمْ ندَمٌ كثيرٌ ..
واعتذاراتٌ قليلَهْ
لي ما قبضتُ وما بسطْتُ ،
غير أنّ قصائدي تأبى السّقوط وإن سقطتُ ...
عن رؤايَ المستحيلَهْ
يا صاحبي ..
هذي البلادُ صغيرةٌ جدًّا كحبّةِ خردَلِ ..
وفقيرةٌ جدًّا .. كقبضةِ مِنجلِ
ومريرةٌ جدًّا ... كجرعةِ حنظلِ 
وحزينةٌ جدّا .. كنايٍ  مُهمَلِ
فلمن سنترُكُها ؟؟
لجلاّدٍ يعودُ اليومَ مسلولَ اللّسانِ  ،
ويرتدي جلدَ الضّحيّهْ ؟؟
لحمامةٍ مَوجوعةٍ ، لمْ تَقْوَ يومًا أن تثورَ
على غريزتِها الغبيَّهْ ؟
لمحاربِ السّامُورايِ يُغْمِدُ في النّهايةِ سيفَهُ في قلبِهِ ،
ويقولُ : عذرًا .. لا وصيَّهْ ؟
لمثقّفِ البترولِ يكتبُ عن حضارتِهِ لحضرتِهِ ،
وعن أرضٍ بلا شعبٍ ، وشعبٍ دونما أرضٍ ،
ويُغلقُ بابَ حجرتِهِ إذا شبَّ الحريقُ لكيْ ينامْ ؟؟
ولمن سنترُكُها ؟؟
لشيخٍ فهلوِيٍّ سوفَ يبقى أينما سرْنا يُطارِدُنا
بمطرقةِ النّظامِ على العظامْ ؟؟..
خلَصَ الكلامْ ..
لم يعُدْ بي رغبةٌ للاستعارةِ والمجازِ ورقصةِ الأوزانِ في بَذَخِ المعاني ..
خلصَ الكلامْ ..
ربّما صارَ الكلامُ – وإنْ أضلَّ – أقلَّ كفرًا ..
من دروسِ الصّمتِ في هذا الزّحامْ ..
خلَصَ الكلامْ ...