vendredi 14 mars 2014

بلادي قصيدَهْ





سَلْ عنِ الأمكِنَهْ ..
ماالّذي قدْ تغيّرَ من طَبْعِها الأمكِنَهْ ؟؟
برُّها ؟ بحرُها ؟
حرُّها ؟ قرُّها ؟
حُلْوُها ؟ ..مُرُّها ؟  ..
ماالّذي قد تغيّرَ من حُزنِها الأمكنَهْ ؟؟
مرَّ عامٌ ، فعامٌ .. وعامُ ..
ولم يبقَ من سَكرةِ العشْقِ ،
أكثرُ من غُصَّةٍ مُزْمِنَهْ ..
شمعتانِ اثنتانِ على صدركِ اليومَ يا بلَدِي ..
ربّما صارَ يكفي ..
هرِمتِ بِنا ، أو هرِمنا - كما قيل يومًا - ..
وأوجَعْتِنا طَربَا ..
سنتانِ اثنتانِ بِأَلْفَيْ سَنَهْ ..
فيهِما قدْ عَشِقْنا النّجومَ ، كما لم نكن قبلَ ذلك نَعْشَقُها
وفهِمنا الحياةَ ، كما لم نكن قبلَ ذلك نفهمُها ..
واكتشفنا حروفًا بأسمائنا .. خارجَ الأبجديّةِ ،
صارتْ حروفُ الهجاءِ حروفَ المديحِ ،
وصارتْ لنا ألسِنَهْ ..
سنتانِ فقطْ كانتا تَكْفِيانِ لِنَعْرَى تمامًا
كَقِدّيسةٍ ماجِنَهْ ..
لم نكن طيّبينَ تمامًا ، كما - قبل ذلكَ - كنّا نظنُّ ..
ولا مؤمِنينَ - مُصادَفَةً - صالحينَ ..
يُؤَرْجِحُنا في الجحيمِ يقينٌ وظَنُّ ..
ولا صِبيةً طائشينَ ..

ولا مُرْسَلينَ على قِبْلَةٍ بيِّنَهْ ..
سلْ عن الأمْكِنَهْ ..
هلْ ترى صورَ الشّهداء على مدخل الكازِنُو ..؟
كيف صارتْ مَداسًا لأحذيةِ المُومساتِ
وصارتْ خيامُ العزاءِ بلادًا وجنْسيّةً …
هل ترى بينَ شيءٍ ولا شيءَ مُتَّسَعًا للحياةِ
ومُعجِزةً مُمْكِنَهْ ؟؟
مُثْقلٌ بجنون السّياسةِ أو صخبِ التّابعينَ
تَطِنُّ الزّنابيرُ في أُذُنيّ نهارًا وليلاَ
تُطارِدني فرقُ الموتِ في كلِّ مُنْعَطَفٍ ..
وأنا في السّياسةِ غِرٌّ غَشيمٌ …
تربّيتُ في زمنِ الأَكرَمَيْنِ ،على خُطبِ الأكرَمَيْنِ ..
مُطرّزةً بالفراغِ
على صورِ الأكرمَيْنِ مُعلّقةً في دِماغي
وصدّقتُ أنّ الطّحالبَ أصلُ الحياةِ
                 وخُبْزُ الجياعِ ..
وأنّ السّلامةَ في بَلدِي مُمْكِنَهْ ..
شرطَ أنْ يقطعَ المرءُ كلَّ أصابِعِهِ ،
لكيْ لا تطولَ وتمتدَّ نحو الأفاعِي ..
وصدّقتُ أنّ النّساءَ يلِدْنَ على رأسِ كلِّ زمانٍ
نبيًّا من الأصفياءِ ،
يقودُ البلادَ إلى شمسِهِ ..
وتدورُ الطّواحينُ في رأسِهِ ..
ويشيخ الزّمانُ ..
يشيخُ على أرضنا كلُّ شيءٍ عَداهُ ..
ويبقى عَفِيًّا
فتيًّا عتِيَّا ..
عليًّا عصِيًّا على رَمْسِهِ ..
وأنا في السّياسةِ غِرٌّ غَشيمٌ …
أصدّقُ مثلَ العجائزِ والصّالحينَ ومن عبدُوا العجل في بلدي
نشرةَ الثّامِنَهْ .!.
ومحاضرَ أقبِيةِ الدّاخليَّةِ
                والنّشرةَ التّربويّةَ ..
                                   واللاّفتاتِ الدّعائيّةَ السّاخِنَهْ ..
وأصدّقُ مثلَ الصّغارِ كلامَ الكبارِ
فأملأُ جيبي وُعودًا ، وقلبي وَعِيدَا ..
وأفرحُ يا بلدي أنّنا ..
عند كلِّ سقوطٍ لنا فيكِ أو نَكْبَةٍ ..
سوف تزدادُ أعيادُنا الوطنيّةُ عيدَا ..
وأحفظُ شعرَ الجنازاتِ في الكتبِ المدرسيّةِ ،
أو في احتفالاتِ حزبِ الرّئيسِ ،
بشعبِ الرّئيسِ ..
مُناشَدَةً للرّئيسِ ..
ليحمي القبيلةَ من كلِّ حرٍّ خسيسِ ..
وأنا في السّياسةِ غِرٌّ غَشيمٌ ...
ولكنّني اليوم لا شأنَ لي بينكمْ ..
لمْ أرَ في جلابيبِكمْ غيرَ وَعْثِ الصّحارى الحزينةِ ،
أو تحت أرجُلِكم غيرَ كُدسٍ من الجثثِ المُتفسِّخةِ المُنْتِنَهْ .
ولا شأنَ لي بالمَعالِي ولا بالمَوَالِي ..
ولا بالأيادي المُخاتِلةِ الوَاهِنَهْ
ولا بالمَسيحِ الشّيوعيّ والجوهرِ الطّبقيِّ لأحزانِنا ،
ولا بالخلافةِ قبلَ الخلافِ ، أوِ الأخْوَنَهْ ..
صرتُ أَعْرِفُكُم قاتِلاً قاتِلاً ، وقتيلاً قتيلاَ ..
أنا يا كرامُ ثقيلُ اللّسانِ ،
ولا أُتْقِنُ الغزلَ الموسمِيَّ على شاشةٍ أو جريدَهْ ..
بلادي قصيدَهْ ..
ولمْ أرَ فيمَنْ أرى بينكم من يَصيدُ القصيدَهْ
وأعرفُ .. ما أكثرَ الشّعراءَ الّذين تغنّوْا بأنهارِها ..
أو بأشجارِها أو بأقمارِها أو بِأقدارِها ..
والّذين تغنَّوْا بأعيادِها
أو بجلاَّدِها أو بأمجادِها رغمَ حُسّادِها..
والّذين عَمُوا عن زهورِ الطّفولةِ تقصفُها الرّيحُ من حولِهِمْ ..
ومَضَوْا يَصِفُونَ البنفسجَ والياسمِينَ ،
وجنّاتِ عَدْنٍ على أرضِها فاتِنَهْ ..
ليس لي يا كرامُ فصاحَتُهُم في المديحِ ،
ولا في التّذلّلِ أو في التّوَسُّلِ بالأدمُعِ الخائِنَهْ ..
أنا يا كِرامُ بلادي قصيدهْ
وعشٌّ حزينٌ على غُصنِ زيتونةٍ في العراء تموتُ وحيدهْ
يُجرّحُنِي عِطْرُها اللّيلكيُّ
إذا لمْ يُضمّخْ شوارِعَها كلَّها والرُّبى والبُيُوتَ البعيدَهْ..
وكاذبَةٌ شمسُها وضُحاهَا ..
إذا لمْ يَرِفَّ لها كلُّ قلبٍ كسيرٍ
ويبتَلَّ من نورها كالغُصُونِ الوليدَهْ
وزائِفةٌ كلُّ أقمارِها المُشتهاةُ وأخبارُها …
كلُّ أعيادِها،
وبطولاتُ أجدادِها،
وملاحمُ أيَّامِهَا الخالِداتِ المَجِيدَهْ
إذا لم يكنْ للمَلاعينِ فيها نصيبُ ..
وللرَّاقِصينَ حُفاةً على الجمرِ أيضًا نصيبُ ..
وللخارجينَ عن اللاّنِظامِ
وللواقفينَ على شُرفَةِ الرّيحِ والموتِ في حبّها كالشّموعِ العنيدَهْ
بلادي قصيدَهْ
ولمْ أرَ فيمَنْ أرى بينكم من يصيدُ القصيدَهْ .
                        عبد اللّطيف علوي / 10 / 12 / 2013

dimanche 9 mars 2014

نساء ونصف ... أم نساء كنصف !!! / عبد اللّطيف علوي

 من أكثر العبارات الّتي صارت تثير الاشمئزاز والتّقزّز في مثل هذه المناسبات النّسويّة – وما أكثرها – عيد المرأة ، اليوم العالمي للمرأة ، عيد الأمّ ..- عبارة " نساء بلادي نساء ونصف " ... وطبعا سيسارع التّافهون ( قبل حتّى أن يقرؤوا بقيّة المقال ) إلى هذرهم وخورهم وكليشيهاتهم الجاهزة عن نظرة هذا الطّرف أو ذاك إلى المرأة ، وهو كلام يزيد على القرف قرفا لما يحمله من مزايدة ونفاق يخور منه البقر ..

هذه العبارة القميئة الغبيّة صارت في مناسبات اللّغط النّسويّ بقيمة : إذا الشّعب يوما ..، وصارت " لا مارساياز" الطّبقة الحداثويّة الّتي لم يكن لها يوما علاقة بالشّعر ولا بلغة الضّاد لتستمدّ منه استعاراته ...

والحقيقة أنّني حاولت بداية أن أعيّرها بمعايير الشّعر ، فلم أجد لها علاقة بفنّه ، إذ هي سلخ للعبارة العامّيّة الشّعبويّة ( مرا ونص )و لا ترتقي إلى أن تكون صورة أو مجازا أو إيحاء ...، ثمّ حاولت تعييرها بالمعنى اللّغوي ، فلم تفد سوى معنى النّقصان ، لأنّ الجمع ( نساء ) + نصف يعني اكتمال الجمع مع زيادة نصف امرأة ... المرأة تكون كاملة ( كمال المجاز) بذاتها و تنقص بزيادة النّصف لأنّ النّصف سيبقى علامة على النّقصان ..

ثمّ فكّرت في إحالتها الاجتماعيّة ( مرا ونص ) فوجدت أنّ هذه العبارة تستعمل خاصّة في الوسط الرّيفيّ والشّعبيّ لتصف المرأة " المقديّة الحاذقة " الّتي تكون عادة ركيزة البيت بل وتغطّي على تقصير الرّجل في أغلب الحالات في أداء دوره ، وهي ليست عبارة " الصّغيّر أولاد أحمد " سوى بالاقتباس الرّكيك المنافق المخادع وإحلالها في غير محلّها ...هذه الصّورة هي صورة أمّي وجدّتي رحمها الله وصورة ربّة المنزل المبدعة وصورة المرأة العربيّة الأصيلة حمّالة الهموم المضحّية حتّى بكلّ أسباب وجودها ، فما علاقة بنات الطّبقة القطنيّة والثقافة الفرنكفونيّة بهذه الصّورة ليحملن هذا الشّعار ؟؟ هنّ أصلا لا يثرن على وضعيّة مزرية للمرأة بقدر ما يظهرن دائما ثورتهنّ على هذا الصّنف الأصيل من النّساء وعلى قيم الأسرة الّتي تمثّلها المرأة في مجتمعنا العربيّ الإسلاميّ ..

ثمّ حاولت أن ألائم بين عبارة ( مرا ونص ) وبين حاملاتها " الباربيّات" الشّقراوات المتأنّقات الفاتنات المدخّنات الحاسرات فضحكت من غبائي ... المرأة الّتي لم يشرّفها الله بألم الولادة لأنّها اختارت ( بفائض مالها ) الحقنة الّتي تخفّف أوجاع المخاض ، المرأة الّتي لا ترضع صغارها حولا ولا شهرا ولا يوما لأنّ الأولويّة لديها في المحافظة على الصّدر المثير ، المرأة الّتي تلقي برضيعها إلى الخادمة لأنّها تأنف أن تغيّر له الحفّاظة وتنظّف له البراز بأصابعها الرّقيقة النّاعمة ، المرأة الّتي لا تستيقظ له إذا بكى ولا تضمّه إلى صدرها ولا تبيع النّوم الغالي لتربيته ، المرأة الّتي لا تحرم نفسها من اللّقمة لتضعها في فم صغيرها ومن لباس تشتهيه لتكسو فلذة كبدها ، المرأة الّتي تلقي صغارها كالأيتام في المحاضن والرّياض يوما كاملا ( على غير حاجة ) إلاّ لتحقّق "ذاتها" في العمل ولا ترى أنّ صغارها هم أيضا "ذاتها" .. المرأة الّتي لا ترى زوجها إلاّ مكمّلا جنسيّا أو مادّيّا لرغائبها ونزواتها ورفاهيّتها ، المرأة الّتي لا ترضيها خليقة الرّحمان مهما كانت بديعة ، فتنفخ وتشفط وتكشط وتشدّ وتمدّ وتصبغ وتدبغ وتدوّر وتكوّر وتحوّر وتصطنع وتبتدع وتفكّ وتحكّ ... المرأة الّتي صارت تعيش لذاتها ، ترى نفسها أيقونة تحتفي بها طول الوقت على حساب دورها الوجوديّ العظيم في الأسرة والمجتمع والحضارة والفكر وبناء القيم العظيمة ... هل هذه هي المرأة المقصودة بعبارة جدّتي ( مرا ونص ؟؟؟) ...

رحمك الله يا جدّتي ... موتك أرحم من أن تري ما أرى ، أو لعلّك الآن ترين ما أرى وتندبين خدّيك تحت اللّحود ...