jeudi 6 mars 2014

أصحاب العصمة !!! .... العازفون على القانون






صورة الصّراع البدائيّ الغرائزيّ بين القضاة والمحامين ، هي من أو ضح الصّور الفاضحة لحالة التهمّج الفكريّ والسّلوكيّ لدى الطّبقة السّاحقة من نخبنا في كلّ المجالات ودون تمايز .. صورة تصلح لأن تكون درسا شاهدا عن حالة العصبيّة القطاعيّة والحميّة النيو - قبليّة القائمة على أساس التّعصّب الوظيفيّ الطّائفيّ ..هذا المنطق المرضيّ المعتوه ، هو الّذي حكم علاقة القضاء بمؤسّسات الدولة والمجتمع ، وعلاقة الإعلام ، واتّحاد الشّغل ، والأمن ، و و و ...أصبح لكلّ قطاع صكّ براءة أصليّ من أعلى علّيّين ، وعصمة لا تناقش تجاه أيّ نقد أو مراجعة أو حتّى مجرّد احتراز ..فإذا لفتّ النّظر لسياسة سدنة اتّحاد الشّغل وإضرارها بالمصلحة العليا للبلاد ، ينتفض الإنس والجنّ من حولك ، وتكاد السمواوات تنطبق على رأسك ، كأنّك نظرت إلى عرش الرحمان ، وإذا نقدت الإعلام في أجنداته التّآمرية يصبح ذلك - من حيث المبدأ - مسّا بقطاع لا يمسّه إلاّ المتطهّرون ، وإذا نقدت جزءا من القضاة في سعيهم إلى التّحوّل إلى جسم هجين داخل المجتمع فوق رقاب الناس أجمعين ، يتهمونك بأنك تسعى إلى إعادة السيطرة على القضاء وتسخيره ( وكأنهم في عهد بن علي كانوا أداة للاستبداد رغما عنهم ، والحقيقة أنهم كانوا شركاء في الاستبداد ومتنفّعين ومساهمين أصليين في بورصة الدم والحق المسلوب بكلّ إرادة واختيار ..)
مانراه اليوم بين المحامين والقضاة ، هو مرّة أخرى عودة إلى منطق انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، فهل حدث مثل ذلك في أي بلد يتمتع بالحدّ الأدنى من وعي مدني بشريّ لا بقريّ ...المسألة في غاية الوضوح والبساطة : محامية مشتبه بها بفعل دعوى مرفوعة ، والقاضي اتّخذ في حقّها إجراء معيّنا ... والاختلاف بين القطاعين في مسألة سلامة الإجراءات ...
لسنا هنا بصدد مناقشة مشروعيّة قرار القاضي ولا إدانة المحامية ، المسألة شكليّة بالأساس ، ففي كلّ الحالات يجب أن تحلّ المشاكل القانونيّة بأدوات قانونيّة ، وليس بأدوات البلطجة وادّعاء العلويّة والعصمة والقداسة ... أمّا أن يتحوّل العازفون على القانون من الطّرفين ، قضاة ومحامين ، إلى أحطّ درك في السّلوك الغرائزيّ السّوقيّ للتعبير عن مواقفهم و لتركيع المواطن الزوالي ، الّذي تدور المعركة كلها فوق رأسه وجلده ، فتتعطل مصالحه ، كأنه مجرّد حجر كلّ منهما يقذف به الآخر ... هذا هو البلطجة والتجودير والتبوريب بعينه ...
سؤال أخير ...
من أجل توقيف هذه المحامية قامت الدّنيا ولم تقعد ، ولنفترض أنها تعرضت لظلم في هذه الحادثة ... من يستطيع منكم أيّها السادة المحامون الأجلاء ، أن يغير الصورة قليلا قليلا ، بأن يجعل في موضع المحامية مواطنا بسيطا يتعرض يوميا لمثل تلك الإجراءات التّعسفية ؟ هل كنتم ستثورون لأجله كل تلك الثورة ؟ هل كنتم ستسبّون القاضي من أجله وتحتجزونه وتتحوّلوا إلى فرقة تدخّل سريع لإحقاق الحقّ في التّوّ والسّاعة ...؟
لا أمل في بناء دولة قانون ، بأجهزة قضائية تتعالى على القانون ، وتراه سوطا لا يصيب إلاّ من لا بواكي لهم .. شيء محزن ومخزٍ ومهين ... لكنّه طبيعيّ ومنطقيّ جدّا ومتوقّع .. أكذب إن قلت غير ذلك ..


ــــــــــــــــــــــــــــــ عبد اللطيف علوي

Aucun commentaire: