samedi 28 décembre 2013

لاَ شيءَ يا قلبي جديرٌ بالنّدَمْ !!


لاَ شيءَ يا قلبي جديرٌ بالنّدَمْ ..
لم يترُكوا لي حُجّةً تكفي ولا سببًا لأحزنَ بعدهمْ 
كلُّ الّذين تراقصوا - قبل السّقوطِ - على بساطِ الرّوحِ كانوا نزوةً ، 
ومضتْ بما تحتاجُ من حبرٍ ودَمْ ..
لاَ شيءَ يا قلبي جديرٌ بالنّدَمْ ..
الأصدقاءُ وإنْ قليلٌ ما بَقُوا ..
تركوا حقائِبَهُم بلا أسمائِهِمْ وتفرّقُوا
لم نتّفِقْ حول الكثير من التّفاصيلِ البسيطةِ: 
مَن يمُدُّ يديهِ قبل أخيهِ ، 
من يبكي لغيبتِهِ ، 
ومن يُلقي التّحيّةَ أوّلاً ..
مَن يملأُ السّاعات من شجَنِ الحديثِ إذا التقينَا ..
مَن يكابرُ إن بكيْنا ، 
من يَعِفُّ عن الملامةِ حينَ يُظْلَمُ ، والعتابِ .. 
وكيفَ يرحمُ إنْ ظَلَمْ ..
لاَ شيءَ يا قلبي جديرٌ بالنّدَمْ ..
لمَ عدتَ تبحثُ  في البداهاتِ المُريبةِ عن يقينٍ  : 
هل تَعبتَ من السّفرْ ؟ 
هل عشتَ ما يكفِي لتحملَ كلَّ أحزانِ البشَرْ ؟
الأربعونَ مضتْ بلا أثرٍ ولم تُلْهِمْكَ منها حكمةً..
وكذلك العشرون زاغَتْ كانفِلاَتِ الرّمْلِ بينَ أصابعِي 
كرمادِ مِبْخَرةٍ على الشّبّاكِ  ..
يسكنُها الضّجَرْ ..
لمْ يبقَ غيرُ يدٍ مُبلّلةٍ بأوهامِ الطّفولةِ و المطرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عبد اللطيف علوي

mardi 10 décembre 2013

بلادي قصيدَهْ


سَلْ عنِ الأمكِنَهْ ..
ماالّذي قدْ تغيّرَ من طَبْعِها الأمكِنَهْ ؟؟
برُّها ؟ بحرُها ؟
حرُّها ؟ قرُّها ؟
حُلْوُها ؟ ..مُرُّها ؟  ..
ماالّذي قد تغيّرَ من حُزنِها الأمكنَهْ ؟؟
مرَّ عامٌ ، فعامٌ .. وعامُ ..
ولم يبقَ من سَكرةِ العشْقِ ،
أكثرُ من غُصَّةٍ مُزْمِنَهْ ..
شمعتانِ اثنتانِ على صدركِ اليومَ يا بلَدِي ..
ربّما صارَ يكفي ..
هرِمتِ بِنا ، أو هرِمنا - كما قيل يومًا - ..
وأوجَعْتِنا طَربَا ..
سنتانِ اثنتانِ بِأَلْفَيْ سَنَهْ ..
فيهِما قدْ عَشِقْنا النّجومَ ، كما لم نكن قبلَ ذلك نَعْشَقُها
وفهِمنا الحياةَ ، كما لم نكن قبلَ ذلك نفهمُها ..
واكتشفنا حروفًا بأسمائنا .. خارجَ الأبجديّةِ ،
صارتْ حروفُ الهجاءِ حروفَ المديحِ ،
وصارتْ لنا ألسِنَهْ ..
سنتانِ فقطْ كانتا تَكْفِيانِ لِنَعْرَى تمامًا
كَقِدّيسةٍ ماجِنَهْ ..
لم نكن طيّبينَ تمامًا ، كما - قبل ذلكَ - كنّا نظنُّ ..
ولا مؤمِنينَ - مُصادَفَةً - صالحينَ ..
يُؤَرْجِحُنا في الجحيمِ يقينٌ وظَنُّ ..
ولا صِبيةً طائشينَ ..
ولا مُرْسَلينَ على قِبْلَةٍ بيِّنَهْ ..
سلْ عن الأمْكِنَهْ ..
هلْ ترى صورَ الشّهداء على مدخل الكازِنُو ..؟
كيف صارتْ مَداسًا لأحذيةِ المُومساتِ
وصارتْ خيامُ العزاءِ بلادًا وجنْسيّةً …
هل ترى بينَ شيءٍ ولا شيءَ مُتَّسَعًا للحياةِ
ومُعجِزةً مُمْكِنَهْ ؟؟
مُثْقلٌ بجنون السّياسةِ أو صخبِ التّابعينَ
تَطِنُّ الزّنابيرُ في أُذُنيّ نهارًا وليلاَ
تُطارِدني فرقُ الموتِ في كلِّ مُنْعَطَفٍ ..
وأنا في السّياسةِ غِرٌّ غَشيمٌ …
تربّيتُ في زمنِ الأَكرَمَيْنِ ،على خُطبِ الأكرَمَيْنِ ..
مُطرّزةً بالفراغِ
على صورِ الأكرمَيْنِ مُعلّقةً في دِماغي
وصدّقتُ أنّ الطّحالبَ أصلُ الحياةِ
                 وخُبْزُ الجياعِ ..
وأنّ السّلامةَ في بَلدِي مُمْكِنَهْ ..
شرطَ أنْ يقطعَ المرءُ كلَّ أصابِعِهِ ،
لكيْ لا تطولَ وتمتدَّ نحو الأفاعِي ..
وصدّقتُ أنّ النّساءَ يلِدْنَ على رأسِ كلِّ زمانٍ
نبيًّا من الأصفياءِ ،
يقودُ البلادَ إلى شمسِهِ ..
وتدورُ الطّواحينُ في رأسِهِ ..
ويشيخ الزّمانُ ..
يشيخُ على أرضنا كلُّ شيءٍ عَداهُ ..
ويبقى عَفِيًّا
فتيًّا عتِيَّا ..
عليًّا عصِيًّا على رَمْسِهِ ..
وأنا في السّياسةِ غِرٌّ غَشيمٌ …
أصدّقُ مثلَ العجائزِ والصّالحينَ ومن عبدُوا العجل في بلدي
نشرةَ الثّامِنَهْ .!.
ومحاضرَ أقبِيةِ الدّاخليَّةِ
                والنّشرةَ التّربويّةَ ..
                                   واللاّفتاتِ الدّعائيّةَ السّاخِنَهْ ..
وأصدّقُ مثلَ الصّغارِ كلامَ الكبارِ
فأملأُ جيبي وُعودًا ، وقلبي وَعِيدَا ..
وأفرحُ يا بلدي أنّنا ..
عند كلِّ سقوطٍ لنا فيكِ أو نَكْبَةٍ ..
سوف تزدادُ أعيادُنا الوطنيّةُ عيدَا ..
وأحفظُ شعرَ الجنازاتِ في الكتبِ المدرسيّةِ ،
أو في احتفالاتِ حزبِ الرّئيسِ ،
بشعبِ الرّئيسِ ..
مُناشَدَةً للرّئيسِ ..
ليحمي القبيلةَ من كلِّ حرٍّ خسيسِ ..
وأنا في السّياسةِ غِرٌّ غَشيمٌ ...
ولكنّني اليوم لا شأنَ لي بينكمْ ..
لمْ أرَ في جلابيبِكمْ غيرَ وَعْثِ الصّحارى الحزينةِ ،
أو تحت أرجُلِكم غيرَ كُدسٍ من الجثثِ المُتفسِّخةِ المُنْتِنَهْ .
ولا شأنَ لي بالمَعالِي ولا بالمَوَالِي ..
ولا بالأيادي المُخاتِلةِ الوَاهِنَهْ
ولا بالمَسيحِ الشّيوعيّ والجوهرِ الطّبقيِّ لأحزانِنا ،
ولا بالخلافةِ قبلَ الخلافِ ، أوِ الأخْوَنَهْ ..
صرتُ أَعْرِفُكُم قاتِلاً قاتِلاً ، وقتيلاً قتيلاَ ..
أنا يا كرامُ ثقيلُ اللّسانِ ،
ولا أُتْقِنُ الغزلَ الموسمِيَّ على شاشةٍ أو جريدَهْ ..
بلادي قصيدَهْ ..
ولمْ أرَ فيمَنْ أرى بينكم من يَصيدُ القصيدَهْ
وأعرفُ .. ما أكثرَ الشّعراءَ الّذين تغنّوْا بأنهارِها ..
أو بأشجارِها أو بأقمارِها أو بِأقدارِها ..
والّذين تغنَّوْا بأعيادِها
أو بجلاَّدِها أو بأمجادِها رغمَ حُسّادِها..
والّذين عَمُوا عن زهورِ الطّفولةِ تقصفُها الرّيحُ من حولِهِمْ ..
ومَضَوْا يَصِفُونَ البنفسجَ والياسمِينَ ،
وجنّاتِ عَدْنٍ على أرضِها فاتِنَهْ ..
ليس لي يا كرامُ فصاحَتُهُم في المديحِ ،
ولا في التّذلّلِ أو في التّوَسُّلِ بالأدمُعِ الخائِنَهْ ..
أنا يا كِرامُ بلادي قصيدهْ
وعشٌّ حزينٌ على غُصنِ زيتونةٍ في العراء تموتُ وحيدهْ
يُجرّحُنِي عِطْرُها اللّيلكيُّ
إذا لمْ يُضمّخْ شوارِعَها كلَّها والرُّبى والبُيُوتَ البعيدَهْ..
وكاذبَةٌ شمسُها وضُحاهَا ..
إذا لمْ يَرِفَّ لها كلُّ قلبٍ كسيرٍ
ويبتَلَّ من نورها كالغُصُونِ الوليدَهْ
وزائِفةٌ كلُّ أقمارِها المُشتهاةُ وأخبارُها …
كلُّ أعيادِها،
وبطولاتُ أجدادِها،
وملاحمُ أيَّامِهَا الخالِداتِ المَجِيدَهْ
إذا لم يكنْ للمَلاعينِ فيها نصيبُ ..
وللرَّاقِصينَ حُفاةً على الجمرِ أيضًا نصيبُ ..
وللخارجينَ عن اللاّنِظامِ
وللواقفينَ على شُرفَةِ الرّيحِ والموتِ في حبّها كالشّموعِ العنيدَهْ
أنا يا كرامُ بلادي قصيدَهْ
ولمْ أرَ فيمَنْ أرى بينكم من يصيدُ القصيدَهْ .

                         عبد اللّطيف علوي / 10 / 12 / 2013

lundi 9 décembre 2013

اعتذارات لم تصل


أَحِبَّتِيَ الرَّاحلينَ ، أنا آسِفُ  ...
قَدْرَ ما يَذْرِفُ الغَيْمُ من شَهَواتِ البَنَفْسَجِ ، حقًّا أنَا آسِفُ ...
ليسَ في الكفِّ غيرُ الّذي ترَكَتْهُ العصافيرُ : حَبٌّ قَليلُ
وَ عُشٌّ لكلِّ غَريبٍ
تَمِيلُ بهِ الرِّيحُ في سُكْرِها أو يَمِيلُ
أنا آسِفٌ للَّذِينَ بَقُوا فِيَّ ،
 أَوْ عَلِقُوا صُدْفَةً في عَقَارِبِ ساعَاتِ عُمْري بِلاَ مَوْعِدٍ ..
كان لابدَّ للنَّهْرِ أن تتراخَى يداهُ أَخِيرًا ...
وتَقْصُرَ عن غابَةِ الرُّوحِ مهما تَطُولُ
أنا آسفٌ لليدينِ اللَّتينِ تَخَضَّبَتا من رَمادِي ..
وَ أَشْعَلَتا من لياليهما وردها المُختلي في أواخرِ ساعاتها
أَعْجَلَتْنِي إلى فَرَحٍ أَتَّقِيهِ ،
ولمّا ذَكَا الطَّعْمُ في شَهْدِها اعْتَفَنَتْ مثل جرحٍ كَظِيمٍ
كَعَيْنٍ تَحَجَّرَ في دمعِها مَطَرٌ لا يَسِيلُ
أَحبَّتِيَ الرّاحِلينَ ..
طَويتُ لكم كلَّ أَثْوابِكُم وجمَعْتُ الحَقائِبَ ،
لا تترُكُوا خَلْفَكُمْ دَمْعَةً في المَحاجِرِ ،
أوْ رَعْشَةً في الشِّفاهِ ، ولا نَجْمَةً شاهِدَهْ
لاَ تُطِيلُوا السَّلامَ أَوِ الصَّمتَ وانسحِبُوا من ندَى الصُّبْحِ
والصُّوَرِ البَاهِتَهْ...
وَ خُذُوا مَا تَبَقَّى لكم في تلافيفِ ذاكرتي ،
واسحَبُوا من دَمِي كُلَّ أَوْجاعِكُمْ و لَياليكُمُ السَّاهدَهْ
كَانَ لِي زَمَنٌ خَارِجَ العُمْرِ من سَنواتِ الخَطِيئَةِ ،
زَوَّجْتُ كُلَّ الفراشاتِ والقِطَطَ الشَّارِدَهْ ،
وَرَأَيْتُ على الماءِ أَحْذِيَةَ الذَّاهِبِينَ إلى آخِرِ الماءِ ،
عادتْ بِأَرْواحِهِمْ في التَّوابيتِ عارِيَةً خامِدهْ
آسِفٌ أَنَّ طاحُونةَ الكلِماتِ تَدُورُ إلى الخَلْفِ ..
منذُ ثلاثينَ عامًا يُراودُني في المديحِ نشيدٌ بلا قافِيَهْ
وأُحاوِلُ أَنْ أَجِدَ اللهَ في صَلَواتِي الخجُولةِ ،
أَنْ أَنتمِي لأَبٍ طَيِّبٍ ، يَفْتَحُ الحقلَ مثل الكِتابِ المُقَدَّسِ،
يَعْرِفُ أَيَّانَ تبكي السّماءُ وتَهْتَزُّ أَعْطافُها الجاحدهْ ..
آسِفٌ للعَدُوِّ الصَّدِيقِ ..
لِمِطْرَقَةٍ ظلَّ يَهوِي بِها فوقَ قلبي وسِكّينَةٍ بارِدَهْ
آسِفٌ للّتي احتَرَقَتْ زَمنًا خاسِرًا عندَ بابِي ولمَّا تَبُحْ ..
حَدَّثَتْها النُّجُومُ بِأَنِّي غَدًا سَوفَ أَمضي إليها
وَأَنِّي سَأَعْرِفُ كم شَرِبَ اللَّيْلُ من دَمْعِها
واستَباحَ الرَّدَى شَفَتَيْها
 وَأَنّي سَأَخْلَعُ من زَهَرِِ اللَّوزِ ثَوبًا لها تَرْتَدِيهِ،
تُوَشِّيهِ من لَحْمِها .. أَشْتَهِيهِ ،
وتُلْقِيهِ فَوقَ يَدِي لَهَفًا فَاجِعًا منْ يَدَيْها ..
ومرَّ بِها العُمرُ ، وانْطَفَأَ الشَّمْعُ في قَلْبِها سَنَةً سنَةً
وامَّحَى طَيْفُها دُونَما فائِدَهْ !
هل ستكفِي لها . آسِفٌ ..؟
هل سَتَنْضُو التُّرابَ عن الوجْنَتَيْنِ ، تُعِيدُ لها حُمْرَةَ الخجلِ ، آسِفُ ...؟!
هلء تُضيءُ لها شمْعَةً في الظَّلامِ القَتِيمِ الطَّويلِ ..؟
تُوسِّدُها ساعِدِي لحْظةً كالّتي انتَظَرَتْها :  أَنا آسِفُ ..!؟
هل ستمسَحُ عن صدرِها نَزَقَ الدُّودِ يَقْضِمُها في اشْتِهاءٍ ..
و تُسْرِي بِها لِعَراجِينِ أَحْلامِها :  آسِفُ  ..!؟
هلْ تُعِيدُ لَها فرَحًا آجِلا كانَ أَقْسَى من الموتِ ،
أَحْنَى من الجَمراتِ الخَجُولةِ في ليلةٍ باردَهْ ....!؟
أَيُّها الرَّاحِلُون .. أَحِبَّتِيَ الرَّاحِلينَ ...
أنا آسِفٌ أَنّني آسِفُ ..
كانَ لا بُدَّ أَنْ أَشْرَبَ الكَأْسَ كامِلةً ...
ثمَّ أُلْقِي على بَابِكُمْ جُثَّتِي هامِدَهْ !


عبد اللطيف علوي / 30 مارس 2010 

نقرٌ على بيضةِ أفعى ...شعر : عبد اللّطيف علوي


للهِ في الخَلقِ آياتٌ بلا عددِ 
تحتارُ من بلدٍ فينا إلى بَلَدِ
نحنُ الأَعارِبَ من قَحْطانَ أو مُضَرٍ 
أو منْ تَمِيمٍ أوِ الذُّبيَانِ أوْ أَسَدِ
كنَّا على كَتِفِ الصَّحْرَاءِ رُكْبَانًا 
تَمضِي بنا الرِّيحُ أو تَأْتِي بِلَا رشَدِ
أيَّامُنا دَاحِسٌ غَبْرَاءُ تَحمِلُنَا 
مِنَ البَسُوسِ وذِي قَارٍ إِلَى أُحُدِ
حتّى كَفانَا كُؤوسَ الموتِ سيِّدُنا 
مُحمّدٌ ، ورضِينَا منه بالمَدَدِ
فتلكَ راياتُنا في الأرْضِ تسبِقُنا 
نَبْنِي عليها سماواتٍ بلاَ عَمَدِ
وتلك آياتُنا ، تُدني لوارِدِها 
كأسَ الحضارةِ ملءَ الرُّوح والجسَدِ
مرّ الزّمانُ ودالتْ بيننا دُوَلٌ 
مثلَ الجُذامِ أو الطّاعونِ في الكَبِدِ
دارتْ بنا خارجَ التّاريخِ دورتَها 
وأَسْكَنَتْنا مع الأمواتِ في اللّحَدِ
سَلْ عن أُميّةَ والسّفّاحِ والتَّتَرِ 
وعن يَزيدٍ وحجّاجٍ ومُعتضِدِ
وعن مماليكَ في مِصْرٍ وفي الشّامِ 
وعن طوائِفَ ، عبّادٍ ومُعتَمَدِ
وَتُرْكُمانٍ وأَسبانٍ وعارِبَةٍ 
وآغةٍ وانْكِشاريٍّ ومُضطَهِدِ ..
نحنُ الّذين استباحتْ لحمَنا أمَمٌ 
وأورَثَتْنا إلى أحفادِها الجُدُدِ
كنّا نظنُّ بأنّا نحن جِلْدَتُهُم 
نحمي البلادَ ونبنيها يدًا بِيَدِ
لكنّهم غمَسُوا الْكفّيْنِ في دمِنا 
ستّينَ عامًا ، بلا زَرْعٍ و لا حَصَدِ
أشجارُنا عسسٌ أحجارُنا عسسٌ 
من الرّئيسِ إلى البُولِيسِ والعُمَدِ
كم زوّروا علَنًا أقدارَنا وبنوْا 
لنا قُصورًا وتاريخًا من الزّبَدِ
كم جوَّعُونا وعَرَّوا كلَّ طاهِرةٍ 
و روّعونا وداسُوا كلّ مُعْتَقَدِ
ستّين عامًا على دين الملوكِ فلا 
إِلاهَ غيرُ الزّعيمِ المُلهمِ الأحدِ
ماضٍ بِعِلمهِ فوق الغيبِ والقدَرِ 
قاضٍ بحكمِهِ مثل الواحدِ الصَّمَدِ
كم من سَجِينٍ أضاع العُمْرَ مُنتظِرًا 
يومَ الخلاصِ وذابَ الجِلْدُ من جَلَدِ
كم من غريبٍ وأُمٍّ بعد غُرْبتِهِ 
تحيا على وجَعِ الدّنيا بلا سنَدِ
كم حرَّةً صمتَتْ دهرًا بِغُصَّتِها 
والقلبُ يصرخُ : ربِّي طالَ بي أَمَدِي
كم طِفلةً صرختْ : أُوّاهُ يا أبَتِ 
ولمْ يُجِبْ أَحدٌ في البيتِ عن أحَدِ
واليوم عادُوا كما لو أنّ شيئًا لمْ 
يَكُنْ ، وسادُوا لأنّ العدلَ لمْ يَسُدِ
عادُوا يبيعونَ جلدَ الذِّئْبِ للغَنَمِ 
باسم المُجاهِدِ سيفِ الدّولةِ الأبدِي
عادُوا فعُدْنَا .. لهم أبواقُهُمْ ولنَا 
خَفْقُ الشّوارِعِ إنْ نادَيْتَ تَحْتَشِدِ
نحنُ الَّذينَ نزفنا نَسْغَ أعيُنِنا 
ولمْ تُغِثْنا دُموعُ الأهلِ والوَلَدِ
جِئْنا لِنُعْلِنَ أنّ الموتَ درّبنا 
على الحياةِ ولو صَلْبًا على وتَدِ
مازالَ فينا دمٌ يفديكَ يا وطنِي 
أُمُّ الحرائرِ غيرَ الحُرِّ لمْ تَلِدِ
يا حرُّ لستَ تريدُ الثّأرَ من صنَمٍ 
و لاَ حلُمتَ بعيشٍ مُترَفٍ رَغِدِ
لكنّ حولكَ جيشًا من بني لهبٍ 
فامدُدْ إليهم حبالَ النّار من مسدِ
هَذِي مَشِيئَتُنا .. يَومٌ لهُمْ ، ولَنا 
بَقِيَّةُ الدّهرِ نَمضِي من غَدٍ لِغَدِ
من عاشَ حُرًّا على أكْفانِ عِزَّتِهِ 
لنْ يَعرفُ الموتَ من ذُلٍّ ومن كَمَدِ
عبد اللّطيف علوي 6 / 4 / 2013