lundi 9 décembre 2013

اعتذارات لم تصل


أَحِبَّتِيَ الرَّاحلينَ ، أنا آسِفُ  ...
قَدْرَ ما يَذْرِفُ الغَيْمُ من شَهَواتِ البَنَفْسَجِ ، حقًّا أنَا آسِفُ ...
ليسَ في الكفِّ غيرُ الّذي ترَكَتْهُ العصافيرُ : حَبٌّ قَليلُ
وَ عُشٌّ لكلِّ غَريبٍ
تَمِيلُ بهِ الرِّيحُ في سُكْرِها أو يَمِيلُ
أنا آسِفٌ للَّذِينَ بَقُوا فِيَّ ،
 أَوْ عَلِقُوا صُدْفَةً في عَقَارِبِ ساعَاتِ عُمْري بِلاَ مَوْعِدٍ ..
كان لابدَّ للنَّهْرِ أن تتراخَى يداهُ أَخِيرًا ...
وتَقْصُرَ عن غابَةِ الرُّوحِ مهما تَطُولُ
أنا آسفٌ لليدينِ اللَّتينِ تَخَضَّبَتا من رَمادِي ..
وَ أَشْعَلَتا من لياليهما وردها المُختلي في أواخرِ ساعاتها
أَعْجَلَتْنِي إلى فَرَحٍ أَتَّقِيهِ ،
ولمّا ذَكَا الطَّعْمُ في شَهْدِها اعْتَفَنَتْ مثل جرحٍ كَظِيمٍ
كَعَيْنٍ تَحَجَّرَ في دمعِها مَطَرٌ لا يَسِيلُ
أَحبَّتِيَ الرّاحِلينَ ..
طَويتُ لكم كلَّ أَثْوابِكُم وجمَعْتُ الحَقائِبَ ،
لا تترُكُوا خَلْفَكُمْ دَمْعَةً في المَحاجِرِ ،
أوْ رَعْشَةً في الشِّفاهِ ، ولا نَجْمَةً شاهِدَهْ
لاَ تُطِيلُوا السَّلامَ أَوِ الصَّمتَ وانسحِبُوا من ندَى الصُّبْحِ
والصُّوَرِ البَاهِتَهْ...
وَ خُذُوا مَا تَبَقَّى لكم في تلافيفِ ذاكرتي ،
واسحَبُوا من دَمِي كُلَّ أَوْجاعِكُمْ و لَياليكُمُ السَّاهدَهْ
كَانَ لِي زَمَنٌ خَارِجَ العُمْرِ من سَنواتِ الخَطِيئَةِ ،
زَوَّجْتُ كُلَّ الفراشاتِ والقِطَطَ الشَّارِدَهْ ،
وَرَأَيْتُ على الماءِ أَحْذِيَةَ الذَّاهِبِينَ إلى آخِرِ الماءِ ،
عادتْ بِأَرْواحِهِمْ في التَّوابيتِ عارِيَةً خامِدهْ
آسِفٌ أَنَّ طاحُونةَ الكلِماتِ تَدُورُ إلى الخَلْفِ ..
منذُ ثلاثينَ عامًا يُراودُني في المديحِ نشيدٌ بلا قافِيَهْ
وأُحاوِلُ أَنْ أَجِدَ اللهَ في صَلَواتِي الخجُولةِ ،
أَنْ أَنتمِي لأَبٍ طَيِّبٍ ، يَفْتَحُ الحقلَ مثل الكِتابِ المُقَدَّسِ،
يَعْرِفُ أَيَّانَ تبكي السّماءُ وتَهْتَزُّ أَعْطافُها الجاحدهْ ..
آسِفٌ للعَدُوِّ الصَّدِيقِ ..
لِمِطْرَقَةٍ ظلَّ يَهوِي بِها فوقَ قلبي وسِكّينَةٍ بارِدَهْ
آسِفٌ للّتي احتَرَقَتْ زَمنًا خاسِرًا عندَ بابِي ولمَّا تَبُحْ ..
حَدَّثَتْها النُّجُومُ بِأَنِّي غَدًا سَوفَ أَمضي إليها
وَأَنِّي سَأَعْرِفُ كم شَرِبَ اللَّيْلُ من دَمْعِها
واستَباحَ الرَّدَى شَفَتَيْها
 وَأَنّي سَأَخْلَعُ من زَهَرِِ اللَّوزِ ثَوبًا لها تَرْتَدِيهِ،
تُوَشِّيهِ من لَحْمِها .. أَشْتَهِيهِ ،
وتُلْقِيهِ فَوقَ يَدِي لَهَفًا فَاجِعًا منْ يَدَيْها ..
ومرَّ بِها العُمرُ ، وانْطَفَأَ الشَّمْعُ في قَلْبِها سَنَةً سنَةً
وامَّحَى طَيْفُها دُونَما فائِدَهْ !
هل ستكفِي لها . آسِفٌ ..؟
هل سَتَنْضُو التُّرابَ عن الوجْنَتَيْنِ ، تُعِيدُ لها حُمْرَةَ الخجلِ ، آسِفُ ...؟!
هلء تُضيءُ لها شمْعَةً في الظَّلامِ القَتِيمِ الطَّويلِ ..؟
تُوسِّدُها ساعِدِي لحْظةً كالّتي انتَظَرَتْها :  أَنا آسِفُ ..!؟
هل ستمسَحُ عن صدرِها نَزَقَ الدُّودِ يَقْضِمُها في اشْتِهاءٍ ..
و تُسْرِي بِها لِعَراجِينِ أَحْلامِها :  آسِفُ  ..!؟
هلْ تُعِيدُ لَها فرَحًا آجِلا كانَ أَقْسَى من الموتِ ،
أَحْنَى من الجَمراتِ الخَجُولةِ في ليلةٍ باردَهْ ....!؟
أَيُّها الرَّاحِلُون .. أَحِبَّتِيَ الرَّاحِلينَ ...
أنا آسِفٌ أَنّني آسِفُ ..
كانَ لا بُدَّ أَنْ أَشْرَبَ الكَأْسَ كامِلةً ...
ثمَّ أُلْقِي على بَابِكُمْ جُثَّتِي هامِدَهْ !


عبد اللطيف علوي / 30 مارس 2010 

Aucun commentaire: