jeudi 5 septembre 2013

رسالة إلى الزّعيم " بن جعفر "




-        أوّلا نذكّرك بأنّ عصر الزّعيم الملهم قد انتهى ، و لم يبقَ له وجود إلاّ في بعض العقول المحنّطة الّتي تربّت في ظلّ ثقافة الفردانيّة والشّخصنة وتأليه الحكّام ..
-        ثانيا : نذكّرك أنّك حتّى وإن كنت زعيما ، فأنت زعيم لما تبقّى من حزب التّكتّل ولست زعيما للتّونسيّين ، بل أنت خادمٌ لهم موكّلٌ بأداء وظيفة محدّدة وفق ضوابط محدّدة وأعراف لن تبتدع فيها الجديد ، ولست وصيّا على المصلحة العليا للبلاد بصفتك الشّخصيّة ولا الحزبيّة
-        ثالثا : إنّ أعضاء المجلس التّأسيسيّ جميعهم لا يقلّون عنك بأيّ حال من الأحوال ، شرعيّةً وتمثيليّةً و إدراكا للمصلحة الوطنيّة ، وليسوا حريم السّلطان كي تقرّر بالنّيابة عنهم وفي تجاهل تامّ لإرادتهم ومواقفهم وعنجهيّة لا تعبّر إلاّ عن مرض الأنا وثقافة لا أريكم إلاّ ما أرى ..
-        رابعا : إنّ احتقارك للأغلبيّة السّاحقة من النّوّاب وتعاليك عليهم هو احتقار للشعب الّذي انتخبهم وتعالٍ عليه .
-        خامسا : إنّ الزّجّ بالمجلس التّأسيسيّ في خضمّ التّجاذبات السّياسيّة والحملات الدّعائيّة الانتخابويّة هو انزياح خطير عن علويّة هذه المؤسّسة ، و عن مهامّها الوطنيّة ، وليس من حقّك بصفتك ولا بشخصك ، أن توظّف هذه المؤسّسة للضّغط على أيّ طرف سياسيّ وابتزازه ودفعه إلى زاوية الأمر الواقع ..، وليس هناك ما يبرّر الرّبط بين استئناف المجلس لعمله ، وبين ما سيؤول إليه أمر الحوار المتعطّل ، أو بالأحرى المعطّل من أطراف معلومة تريد دفع البلاد إلى سيناريو مظلم في سبيل أهدافها الانقلابيّة المفضوحة .
-        سادسا : لقد قلت إنّك تقف على نفس المسافة من جميع الأطراف ، وهذا ليس شرفا ولا شأنا يعتزّ به رئيس مجلس تأسيسيّ شرعيّ منتخب هو باكورة ثمرات الثّورة ، أنت ممثّل لأعلى سلطة شرعيّة منتخبة في البلاد ، وكان من المفروض أن يكون انحيازك مطلقا لخيار الشّعب الّذي انتخبك ، لا أن تساوي بين دعاوى الفوضى والانقلاب وإسقاط المسار ، وبين خيار السّيادة الشّعبيّة المعبّر عنها حصريّا بالانتخاب وحده دون سواه .
-        سابعا : إنّ العنتريّات من نوع " ما نخاف من حتّى حد " و" ما نتبّع كان ضميري " هي شعارات شعبويّة جوفاء تحيل مرّة أخرى على عقليّة التّعالي وليست من السّياسة في شيء ، فهذا الكلام يصحّ فيما تعلّق بشؤونك الخاصّة ، ولك مطلق الحرّيّة في ذلك ، أمّا شأن الوطن فليس رهينا لضمير أيّ كان ولا لشجاعته أو فروسيّته ، بل هو رهين لمؤسّساته الشّرعيّة وأصول العمل الدّيموقراطيّ الحقيقيّ الّذي تجاوزته بقراراتك الفرديّة غير القانونيّة .
-        تاسعا إنّ التّمادي في تعطيل أهمّ مؤسّسة شرعيّة مؤتمنة على تحقيق استحقاقات الثّورة ، وأهمّها الدّستور والمرور بالبلاد إلى عتبة الوضع المستقرّ ... هذا التّعطيل لا يمكن أن يفهم إلاّ ضمن التّواطؤ مع المسار الانقلابيّ ، ويلقي بظلال كثيرة من الشّكّ حول حقيقة الدّور الّذي تقوم به في هذه الفترة الحسّاسة من تاريخ البلاد .. وإنّ الشّعب التّونسيّ لن يقبل أن يكون موضوعا للرّهان والمقامرة من هذا الطّرف أو ذاك ... وسيعرف كيف يحقّ الحقّ ويصون إرادته وبلاده في كلّ الأحوال .


Aucun commentaire: