mercredi 23 juillet 2014

كلّنا جنود لإسرائيل| عبد اللطيف العلوي


منذ أيّام ، وإسرائيل تعجن اللحم العربيّ تحت أنقاض المباني ، والإحساس بالذلّ والقهر يتصاعد مرّا في الحلق ، والروح أبرد ما يكون …
ليس استثناء ما يحدث ، فقد عودتنا إسرائيل على أن تصبّ جحيمها دوريّا على إخوة لنا .. هنا أو هناك .. لكنّ الجديد هذه المرّة ، أمرّ بكثير من كلّ جرائم اليهود على مدار التّاريخ ..
قبل ثلاث سنوات … كان للحالة الشعبية العامة إزاء مثل هذا العدوان حرارة مختلفة ونقمة مختلفة ، نوجّهها دائما نحو هدف معلوم بنفسه هو إسرائيل ، وإن كنّا نعرف في قرارة أنفسنا ، أنّ إسرائيل ما كانت لتوغل في دمائنا لولا التواطؤ العربيّ الرسميّ المباشر وغير المباشر ، وكلّ مفردات ذلك الخطاب الّذي لطالما كان بداهة مسلّمة بين كل ألوان الطّيف ، ولم نكن نحتاج أن نقنع أنفسنا بذلك ..
اليوم ، تأتي هذه الجريمة الجديدة وقد انكسر فينا شيء ، لن يستقيم قبل عقود كثيرة …
بعد الربيع العربيّ ، أكبر إنجاز قدّمه حكّام العرب – ومعهم كلّ من اصطفّوا معهم في سحق شعوبهم وإبادتها وإذلالها – هو نزع صفة البشاعة والإجرام والفظاعة عمّا تقوم به إسرائيل ، أمام العالم ، وأمام العرب أنفسهم … كيف تقنع العالم بأن إسرائيل ترتكب الجرائم ، وهي – إذا قارنّاها ببشار فيما يفعله بشعبه – ليست سوى طفل لاهٍ غرير بريء طاهر ؟ كيف تقارن من يقتل 40 أو حتى 100 في بضعة أيام ممن يعتبرهم أعداءه الاستراتيجيين ، بمن يقتل 1400 طفل وامرأة وشيخ بالكيمياويّ في بضع ساعات ويمحق ما يقارب النصف مليون ويشرد ثلث سكان البلد و يعذب ويغتصب في تراجيديا جهنمية لا حدود لوصفها ، ثمّ يأتي بعد ذلك من مثقفي العرب والممانعين والقوميين من يرفع صوته وإبهامه للدفاع عنه ، بل لإسباغ كل صفات البطولة عليه ؟؟
كيف تقنع العالم بأنّ إسرائيل ترتكب إبادة في حقّ شعب – غير شعبها – وهو يرى السيسي يحرق ويردم بالجرافات في بضع ساعات الآلاف من أبناء شعبه ، في الساحات العامة و عبر البث المباشر للإعلام المهلل والمبشر .. والمثقفون .. الآلاف من المثقفين ، حتى الذين كانوا منهم بالأمس أسودا يرفعون على الأعناق في ملاحم النضال الاجتماعي أو السياسي … تراهم يسيلون الحبر المسموم في عروقنا ليبرروا وينظروا ويشرّعوا المزيد من الإبادة لطرف لعنوه واستحلّوا دمه وعرضه وماله ..؟؟ كيف بعد ذلك نستطيع النظر إلى ما تقوم به إسرائيل ؟؟
كيف نعتبر ما تقوم به إسرائيل جريمة في حقّ غزة ؟ ونحن هيّأنا لها الفريسة وطاردناها وحاصرناها وجوّعناها ونزعنا عنها حتى شرعية المقاومة ووصفناها بالإرهاب والتكفير وحتى العنصرية…
حتّى نحن الشعوب ، جريمتنا لا تقلّ عن جرائم حكامنا ، لأننا لا نتذكر غزة الا على إيقاع النار والدم والخراب ، ثمّ سرعان ما نعود إلى غيبوبتنا اللذيذة ، وننسى أنّ أولئك المحاصرين مازالوا بشرا يعانون ولم يتحولوا إلى مجرد تماثيل أو لوحات تذكارية في متاحف العذاب البشريّ …
لتسقط كلّ الدموع الخائنة ، لتسقط كلّ القصائد والأغاني الباكية ، لتسقط كلّ الشعارات الكريهة الباردة ، ليسقط كلّ شيء ، مادامت إسرائيل ليست سوى .. نحن ..

Aucun commentaire: