lundi 18 août 2014

الرّوح تكسّرت إلى غير عودة


غزّة ورابعة شقيقتان ذُبِحتا بنفس السّكّين ...
 الجريمة فيهما واحدة ، والمشروع فيهما واحد ...
في مثل هذا اليوم حدثت أبشع مجازر الحكّام العرب ضدّ شعوبهم ، بمباركة وتحريض وتغطية من فئة من شركاء الوطن ،
جيل المسخ الحضاريّ والتّشوّه البشريّ الّذي أنتجته دول الحداثة الوطنيّة الوريثة لمصالح الاستعمار وثقافته و عنصريّته 
في مثل هذا اليوم ، تهتّك النّسيج الرّوحي والاجتماعي للإنسان العربيّ إلى أجل لن يكون قريبا ..
جريمة فضّ رابعة والنّهضة ، سبقتها وتلتها عشر مجازر أخرى على الأقلّ ، أشّرت كلّها إلى أنّ العصر العربيّ الجديد سيقوم على فرانكشتاينيّة غير مسبوقة في استهداف الحاكم للمحكوم ..
كان الهدف واضحا : إحداث الحدّ الأقصى من الصّدمة والتّرويع لقطع الطّريق أمام أيّة محاولة عربيّة جديدة للشّذوذ عن الطّوق ، والإعلان عن زمن عربيّ أشدّ توحّشا من كل ما مرّ في تاريخه ...
لأوّل مرّة شاهد العالم كلّ فصول الجريمة على الهواء مباشرة ،
واستمرّ القتل والسّحل والحرق ما يزيد على عشر ساعات ، والضّمير العالميّ المأجور يتابع بكلّ تشفّ مفضوح ، أو لامبالاة غريبة .. في أقلّ توصيف
... قبل رابعة وبعدها ، ظهر جيل عربيّ واضح من المفوّضين في السّرّ والعلن ، على اجتثاث طرف بعينه ،
و عبرت ثقافة التّفويض كلّ الحدود ، في مسعى لإعادة تكرار سيناريو الجريمة المصريّة في كلّ ساحة عربيّة تنادي بالتّحرّر ...
بعد رابعة صرت أكثر وحدة من أيّ زمن مضى ...
فقد صرت أرى في كلّ متلبّس بشعارات الحداثة العربيّة المغشوشة مفوّضا في قتلي بالقوّة أو بالفعل ...
ومع الحزن الشّديد ، أعرف أنّهم لن يتردّدوا في النّزول إلى الشّوارع لتفويض أيّ " سيسي " يرفع السّكّين ليذبحني ... 
جريمة رابعة ، ليست حدثا عابرا في تاريخ المأساة العربيّة ...
حدث شقّ الرّوح وشطرها إلى نصفين ، وفتح المجال لاندفاع الوحش المقهور في أبشع ما يمكن أن يجترحه الخيال ،
فوضع المنطقة بين عنوانين لا ثالث لهما : " سلميّتنا أقوى من الرّصاص " أو " داعش "
 بعد رابعة .. كتبت قصائد مثل " التفويض " : لن أصالح " بنت السّماء "
وفي كلّ مرّة كنت أمنّي النفس بأن أشفى ممّا حدث ...
لكن من الواضح أنّ الرّوح تكسّرت إلى غير عودة .. 

ـــــــــــــــــــــ عبد اللّطيف علوي ــــــــــــــــــ

Aucun commentaire: