jeudi 7 août 2014

فجوة الدّماغ ، وقنّ الدّجاج


خبر يتمّ تداوله على مواقع كثيرة ، وكأنّ الجميع اكتشف الذّرّة من جديد ، يشترك في نشره والتّرويج له الأكاديميّ والعامّيّ ، دون أيّ تفكير في صيغته الغريبة و استخفافه بالعقول و كأنه موجّه إلى أطفال سذّج بله متخلّفين ذهنيّا ...

"  فجّرت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون في كتاب لها أطلقت عليه اسم “خيارات صعبة” ، مفاجأة من العيار الثقيل ، عندما اعترفت بأن الإدارة الأميركية قامت بتأسيس ما يسمى بتنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” المعروف بـ”داعش” ، لتقسيم منطقة الشرق الأوسط ."
من حيث المبدأ ، الخبر لا يتناقض مع فهمنا وإدراكنا لطبيعة الدّور الأمريكيّ في المنطقة ، لكنّ الغرابة في هذا الاعتراف السّاذج لإحدى المرشّحات للانتخابات الرئاسية القادمة ، طبعا عجرفتهم نعرفها ، لكنّ الغباء السياسيّ ليس ممّا يفترض فيهم إلى هذه الدّرجة ..
الأغرب والأعجب يأتي لاحقا ، فيما لا أعرف ماذا أسمّيه : هل هو امتداد للخبر ، أو تحليل أو " تخميرة " سياسيّة للمصدر الّذي بدأ بترويجه ...
شيء أغرب من حكايات السندباد في بلاد الأقزام ... حيث ينقل عنها :  “دخلنا الحرب العراقیة واللیبیة والسوریة وکل شيء کان على ما یرام وجید جدا وفجأه قامت ثورة في مصر وکل شيء تغیر خلال 72 ساعة” .
وتابعت القول “کل شيء کسر أمام أعیننا بدون سابق إنذار، شيء مهول حدث!!، فکرنا في استخدام القوة ولکن مصر لیست سوریا او لیبیا، فجیش مصر قوي للغایة وشعب مصر لن یترك جیشه وحده ابدا”.
وتزید “وعندما تحرکنا بعدد من قطع الأسطول الأميرکي ناحیة الاسکندریة تم رصدنا من قبل سرب غواصات حدیثة جدا یطلق علیها ذئاب البحر 21 وهي مجهزة بأحدث الأسلحة والرصد والتتبع وعندما حاولنا الاقتراب من قبالة البحر الاحمر، فوجئنا بسرب طائرات میغ 21 الروسیة القدیمة، ولکن الأغرب أن رادارتنا لم تکتشفها من أین أتت واین ذهبت بعد ذلك ، ففضلنا الرجوع، مرة أخرى ازداد التفاف الشعب المصري مع جیشه وتحرکت الصین وروسیا رافضین هذا الوضع وتم رجوع قطع الأسطول وإلى الأن لا نعرف کیف نتعامل مع مصر وجیشها”.
إلى أن تصل إلى مخّ الهدرة ، وجوهر الرّسالة الّتي يريد مصمّم هذا الخبر العجيب أن يوصلها "  ومن خلال سیطرتنا علیها من خلال الأخوان و عن طریق مایسمى بـ “الدولة الإسلامیة” وتقسیمها  " ... 
حقيقة يجب أن يكون الإنسان على غاية مهولة من التّجمّد الدّماغيّ كي لا يرى في هذا الخبر بصيغته الموسّعة هذه ، قذارات إعلام الفلول ولاعقي البيادة ... يجب أن تكون على قدر استثنائيّ من التّصديق بالأولياء الصّالحين والتّراب السّخون ، لبتلع هذه التّرّهات السّخيفة ، وتصدّق أنّ " ثورة 30 يوليو " لم تكن صناعة أمريكيّة ، وأنّ أمريكا كانت ستهاجم مصر ، لولا أنّها فوجئت بــ :" ذئاب البحر المصريّة " والطّائرات الـ" الغريبة " التي لم تجد لها كلينتون ومن معها تفسيرا ، وخوفها من " التفاف الشعب حول جيشه العظيم .." 
يعني باختصار خطاب سيساوي بهيم ومقرف ، يذكّرنا بخطاب الإعلام المصريّ الّذي أخبرنا ذات يوم بأنّ السيسي هدّد أمريكا بإحراق أسطولها في المتوسّط ، وبأنّ حكم الإخوان مصلحة أمريكية وإسرائيليّة ينتهي باعتراف كلينتون بأنها " كانت في راحة استراتيجية وتسيطر على مصر وتخطط لتقسيمها عبر الإخوان و ( هنا الأخطر ) مع بقية الجماعات الجهادية الإرهابية ) وهذا معناه أنهم جميعا في نفس السّلة ويقومون بنفس الدور ...
طبعا فوق كلّ هذا الخرّ طرّ ، لم يسأل أحد نفسه : على فرض أنّ كلّ هذا التحليل صحيح ... هل يتصور عاقل أو مجنون ، أنّ الشيطان يمكن أن يجلس على كرسيّ الاعتراف بهذه البساطة ويعترف بكلّ جرائمه الاستراتيجية .. هكذا بكل بساطة ، ولأجل عيون الحقيقة وحدها ..
كثيرون يستعملون فجوة الدّماغ لديهم كمجرّد قنّ للدّجاج ... لا أكثر ..
ترويج مثل هذا الخبر بمثل هذه السّذاجة والسّخافة ، حتى من طرف الأكاديميين ، يدلّ أنّنا مازلنا في مرحلة النّقل .. ومازالت أمامنا سنوات ضوئيّة حتّى نصل إلى مرحلة العقل ..
 ــــــــــــــــــــ عبد اللّطيف علوي ــــــــــــــــــــــ 

Aucun commentaire: